ليلة الأسراء والمعراج 2024

البيت المعمور وسدرة المنتهى

بعد ذلك، عرض النبي على البيت المعمور (عرش الرحمن فوق جميع السماوات). عندما سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن هذا المكان، أخبره جبريل (عليه السلام):

“هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ” (صحیح البخاری: ٣٢٠٧)

انتقل النبي (صلى الله عليه وسلم) الى سدرة المنتهى (شجرة لوت كبيرة تحدد أخر السماء). سدرة المنتهى هي الحد الفاصل حيث لا يمكن لأي مخلوق من مخلوقات الله عبورها. توقف جبريل عند هذه الشجرة بينما سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) هو الشخص الوحيد المسموح له من الله بالمرور من هذه النقطة.  

هل رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) الله؟

بعدما مر النبي (صلى الله عليه وسلم) من سدرة المنتهى، قام بالتواجد في الحضور الإلهي وكان الى أقرب ما يكون من الله، لكن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يرى الله بعينيه. ويؤكد الحديث التالي ما حدث: 

"عَنْ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ وَهْوَ يَقُولُ ‏لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ‏ وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَقَدْ كَذَبَ، وَهْوَ يَقُولُ لاَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ‏." (سورة الأنعام 6:103) (صحيح البخاري: ٧٣٨٠) 

إعلان الخمس صلوات اليومية

عندما كان النبي (صلى الله عليه وسلم) في حضرة الوجود الإلهي، كان قد تم فرض خمسين صلاة له ولإمته. بعد تلقى هذا الأمر من الله، عاد النبي وقابل سيدنا موسى (عليه السلام) في طريقه، فنصحه سيدنا موسى بأن يطلب من الله تخفيف عدد الصلوات، لإن الأمة الإسلامية لن تكون قادرة على القيام بهذا العدد الكبير من الصلوات. صعد النبي الى الله مرات عديدة حتى قام بتخفيف عدد الصلوات لتكون خمسة صلوات فقط، لكن الله – عز وجل – وعد النبي بأن هذه الخمسة صلوات سيكون ثوابها خمسين صلاة عند الله (سبحان الله). 

نعم رحلة الإسراء والمعراج

حصل النبي (صلى الله عليه وسلم) على ثلاث أشياء خلال هذه الرحلة المباركة:

        1-    خمسة صلوات فريضة يومية (والتي تعادل في ثوابها خمسين صلاة). (صحيحالبخاري: ٧٥١٧)

        2-     ملخص أخر آيتين من صورة البقرة.

        3-    وعد الله بأن يمحو جميع خطايا أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) فيما عدا من مات وهو مشرك بالله  (صحيح مسلم: ١٧٣)

رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) "الجنة" ورأى أيضاً "جهنم"

خلال رحلة المعراج هذه، عُرض النبي أيضاً على الجنة وعلى النار (جهنم) بصحبة سيدنا جبريل (عليه السلام). خلال الرحلة تعرف النبي على النعم التي يستمتع بها أهل الجنة، وعلى العذاب والألم الذي يتعرض اليه أهل النار أيضاً.

عودة النبي (صلى الله عليه وسلم) الى مكة

بعدما أنتهى النبي من رحلته، صعد النبي على البراق وعاد الى مكة. استغرقت رحلة الإسراء والمعراج ليلة واحدة.

في الصباح التالي، ذهب النبي (صلى الله عليه وسلم) الى المسجد الحرام وأخبر الناس عن رحلته. وجد المشركون هذا الأمر مناسباً لإهانة المؤمنين. فقد علموا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يذهب الى المسجد الأقصى من قبل، لذلك سألوه عن وصفه. ذهل المشركون بإجابة النبي بالوصف الدقيق للمسجد. وقالو للنبي: "لقد وصفت المسجد وصفاً دقيقاً" ولكنهم لم يدخلوا الإسلام وطلبوا المزيد من الأدلة.

عندما أخبر مجموعة من المشركين أبي بكر (رضي الله عنه) بهذا الأمر، قال لهم: "إذاً فإن هذا الأمر قد حدث بلا شك"، يظهر هذا الأمر الإيمان الحقيقي لأبي بكر، ونتيجة لهذا الموقف فقد أطلق عليه لقب "الصديق" من قبل النبي (صلى الله عليه وسلم).

الخلاصة

تحمل رحلة الإسراء والمعراج الكثير من المعاني والعبر في حياة المسلمين في كل مكان. فهي تعتبر من المعجزات الإلهية، التي أنعم بها على نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم). 

بالرغم من أن هذا الحدث لها أهمية كبيرة في الإسلام، لم يقم النبي (صلى الله عليه وسلم) بالاحتفال به أبداً ولم يخبر الأمة أن يحتفلوا به. 

ولكن، يمكننا إحياء ذكرة هذه الرحلة العظيمة بإن نسأل الله العظيم من فضله، وأن نساعد الفقراء والمساكين وأفعال الخير التي أمرنا الله عز وجل بها ونصحنا رسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم) بها.